بلدي نيوز – (نور مارتيني)
في الوقت الذي يترقب الإعلام ويرصد عودة المهجّرين من أهالي مدينة جرابلس إلى بيوتهم، بعد أسابيع من انطلاق عملية "درع الفرات"، التي أطلقتها فصائل الجيش الحر، مدعومة من قبل الحكومة التركية.
غير أن الوضع في الجارة "منبج" ما زال متأزّماً، بعد أن تمترست "قوات سوريا الديمقراطية" في المنطقة، ضمن حملة "تكريد" جليّة المعالم.
ومع أن "قوات سوريا الديمقراطية"، تضم في صفوفها قوات عربية، مشكّلة من قبل بعض العشائر المتواجدة في المنطقة، خاصة وأن "قسد" كانت قد أجبرت الأهالي المنتمين إلى العشائر العربية على تجنيد أبنائهم في صفوفها، كي يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم، وإلا فمصير أملاكهم هو المصادرة، فضلاً عن إرغامهم على ضمّ أبنائهم القاصرين، وبناتهم في صفوف هذه القوات، ما أجبر كثيرين منهم على الهرب من المنطقة، وترك بيوتهم وأملاكهم.
كلّ هذه الأسباب، دفعت فصائل الجيش الحر، المشاركة في عملية "درع الفرات" إلى توجيه عدّة نداءات، ناشدت فيها المواطنين ممن أجبروا على الالتحاق بصفوف "قسد"، إلى التخلي عنها، والنأي بأنفسهم عن المخططات الانفصالية التي تحاك للمنطقة.
غير أن ظاهرة خطيرة بدأت تطفو على السطح، خاصة بعد مضي قرابة الشهر على إطلاق عملية "درع الفرات"، وتبلور ملامح أهداف هذه العملية، الرامية للقضاء على كل المشاريع الانفصالية في الضفة الغربية للفرات.
تتلخّص هذه الظاهرة في تصفية بعض القادة العرب المتواجدين ضمن ميليشيات "قسد" بتهمة التعاون مع الجيش الحر، وهو ما يؤكّد الهوية الانفصالية لهذه الميليشيات، على عكس ما حاولت تسويقه إعلامياً، طيلة الفترة المنصرمة.
حول ممارسات "قسد" وعمليات التصفية التي تنتهجها في منطقة سيطرتها، يقول "محمد.ح" والذي تحفظ على ذكر اسمه كاملاً لدواعٍ أمنية، وهو قائد عسكري سابق في الجيش الحر: "بالنسبة للشباب العرب الذين انضموا إلى (قسد) ممن يشك في ولائهم، ينتظرهم أحد مصيرين: التصفية أو الاعتقال".. ويوضح أن "العناصر المتطوعين في ثلاث أو أربع كتائب عربية، يتم تصفيتهم أو اعتقالهم عن طريق الإيحاء بأن من قام بتصفيتهم أو اعتقالهم هو تنظيم (داعش)، من خلال تفجير أو توجيه طلق ناري قبل البدء بالمعركة أو أثناءها، والسبب هو مخاوفهم من العرب ممن لا يملكون مشاريع انفصالية كداعش، ولديهم ولاء حقيقي لوطنهم الأم، ما يهدّد مشروعهم الانفصالي"، ويلفت "حسون" إلى أن "الناس تتخوف من عاقبة تسريب هذه الحوادث للإعلام، خشية تهجيرهم من بيوتهم، أو تصفيتهم، وأحياناً حرصاً على أرواح من تبقى لهم من أبناء".
في السياق ذاته، يؤكد القائد العسكري السابق، أن قياديين اثنين تمت تصفيتهما، وأخبرت عائلتاهما أن (داعش) هي من قامت بقتلهما، ليتضح من قبل بعض الشبان ممن أفرج عنهم، أنهما كانا معتقلين معهم في سجون (قسد)، كما يلفت القيادي السابق في الجيش الحر إلى أن "بعض ممارسات قوات سوريا الديمقراطية تجاوزت حدود سوريا، ويؤكّد أنه على اطلاع على تفاصيل حالة خطف تمت على الأراضي التركية، لأحد أقربائه وهو سوري يحمل الإقامة البريطانية، نظراً لكونه مغترباً منذ سبعة سنوات"، ويبين أن قريبه قد اختطف من قرية "سوروج" الحدودية، وأنهم كانوا يبحثون عنه على أساس كونه محتجزاً لدى السلطات التركية، ليتضح أنه معتقل في سجون "عين العرب" بعد أن تسرّب خبر اعتقاله عن طريق أحد المفرج عنهم، وأن تهمة الأخير، كانت "الانتماء لتنظيم داعش".
من جهته، يقول "أبو فاروق"، القائد العسكري في فيلق الشام: "من الملاحظ مؤخراً أن قوات سوريا الديمقراطية باتت متأكدة من أن العسكريين العرب، ممن هم أساساً يتبعون للجيش الحر، لن يكونوا جزءا من مشروعها"، ويرجع "أبو فاروق" السبب إلى أّن "القادة العسكريين العرب قد غرّر بهم، وأن الغاية ليست قتال (داعش) كما قيل لهم سابقاً، ولذلك اختار كثيرون منهم الانسحاب من صفوف (قسد)، نحو قوات درع الفرات"، ويؤكّد القيادي في "فيلق الشام" أنّ "الباب مفتوح لكل من يرغب في الانشقاق عن قوات سوريا الديمقراطية، قبل أن يتورطوا في دماء إخوانهم ويصبح من الصعب جداً إصلاح الموقف".
مشاريع عدة، وجدت من حوض الفرات بيئة خصبة لها، بعضها انفصالي، والآخر يرفض التقسيم، وكل واحد من هذه المشاريع مدعوم من دولة أو كيان معين، غير أنّه حتى اللحظة ما يزال المدنيون يدفعون ثمن أخطاء الساسة، وينتظرون مشروعاً حقيقياً يعيد لهم الأرض والهوية.